القول في تأويل قوله تعالى:
فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ يعني بقوله جل ثناؤه: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ فمن جادلك يا محمد في المسيح عيسى ابن مريم. و الهاء في قوله: فِيهِ عائدة على ذكر عيسى، و جائز أن تكون عائدة على الحق الذي قال تعالى ذكره: الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ و يعني بقوله: مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ من بعد ما جاءك من العلم الذي قد بينته لك في عيسى أنه عبد الله. فَقُلْ تَعالَوْا هلموا فلندع أبناءنا و أبناءكم، و نساءنا و نساءكم، و أنفسنا و أنفسكم، ثُمَّ نَبْتَهِلْ يقول: ثم نلتعن، يقال في الكلام: ما له بهله الله أي لعنه الله، و ما له عليه بهلة الله يريد اللعن. و قال لبيد، و ذكر قوما هلكوا، فقال: نظر الدهر إليهم فابتهل، يعني دعا عليهم بالهلاك.
فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ منا و منكم في آية عيسى. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ أي في عيسى أنه عبد الله و رسوله من كلمة الله و روحه. فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ إلى قوله: عَلَى الْكاذِبِينَ حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ أي من بعد ما قصصت عليك من خبره، و كيف كان أمره فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ الآية. حدثنا عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه أبو جعفر، عن الربيع، قوله: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ يقول: من حاجك في عيسى من بعد ما جاءك فيه من العلم. حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ قال: منا و منكم. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: و ثني ابن لهيعة، عن سليمان بن زياد الحضرمي عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول: «ليت بيني و بين أهل نجران حجابا فلا أراهم و لا يروني» من شدة ما كانوا يمارون النبي صلى الله عليه و سلم.